كتابه:" إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ " فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للعباس: وفيْت فوفى الله لك. وذلك أن الإيمان كان في قلبه.
وعن حميد بن هلال قال: بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البحرين بثمانين ألفاً، ما أتاه مال أكثر منه لا قبل ولا بعد قال: فنثرت على حصير ونودي بالصلاة، قال: وجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمثل قائماً على المال، قال: وجاء أهل المسجد، قال: فما كان يومئذٍ عدد ولا وزن ما كان إلا قبضاً، قال: فجاء العباس بن عبد المطلب فحثى في خميصة عليه، فذهب يقوم فلم يستطع، قال: فرفع رأسه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ارفع عليّ، فتبسمّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى خرج ضاحكه أو نابه فقال له: أعد في المال طائفة، وقم بما تطيق، قال: أفعل، قال: فجعل العباس يقول وهو منطلق: أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا، وما ندري ما يصنع في الأخرى:" يا أَيُّها النَّبيّ قُلْ لِمَنْ في أيديكُمُ مِن الأَسرى إنْ يَعْلَمِ اللهُ في قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "، قال: فهذا خير ما أخذ مني، ولا أدري ما يصنع الله في الآخرة، فما زال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماثلاً على ذلك المال حتى ما بقي منه درهم وما بعث إلى أهله بدرهم، قال: ثم أتى الصلاة فصلى.
قال أبو رافع: بشرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسلام العباس فأعتقني.
وعن سهل بن سعد قال: لما قدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر أستأذنه العباس أن يأذن له أن يرجع إلى مكة حتى يهاجر منها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اطمئن يا عم، فإنك خاتم المهاجرين في الهجرة، كما أنا خاتم النبيين في النبوة.