أسلم العباس قبل فتح مكة، ثم أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تسع مئة من قومه على الخيول معهم القنا والدروع الظاهرة فحضروا فتح مكة، وحضر حنيناً وأعطاه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع من أعطى من المؤلفة قلوبهم، ولم يكن يسكن بمكة ولا المدينة وكان يغزو مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيرجع إلى بلاد قومه وكان ينزل بوادي البصرة، ويأتي البصرة كثيراً، وقيل كان ينزل أرض بني سليم.
وحدث العباس بن مرداس: أنه كان في لقاح له نصف النهار إذ طلعت عليه نعامة بيضاء عليها راكب عليه ثياب بيض مثل اللبن فقال: يا عباس بن مرداس، ألم تر أن السماء كفت أحراسها، وأن الحرب تجرعت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الدين نزل بالبر والتقوى يوم الاثنين ليلة الثلاثاء. صاحب الناقة القصواء؟ قال: فرجعت مرعوباً قد راعني ما رأيت وسمعت، حتى جئت وثناً لنا يدعى الضمار وكنا نعبده ونكلمه من جوفه فكنست ما حوله ثم تمسحت به وقبلته وإذا صائح من جوفه يقول:
قل للقبائل من سليم كلها ... هلك الضمار وفاز أهل المسجد
هلك الضمار وكان يعبد مرة ... قبل الصلاة مع النبي محمد
إن الذي جا بالنبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتد
قال: فخرجت مرعوباً حتى جئت قومي فقصصت عليهم القصة وأخبرتهم الخبر، فخرجت في ثلاثة مئة من قومي من بني حارثة إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالمدينة فدخلنا المسجد. فلما رآني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يا عباس، كيف كان إسلامك؟ قال: فقصصت عليه القصة. قال: فسر بذلك فأسلمت أنا وقومي.
وعن رافع بن خديج قال: أعطى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم حنين أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية،