له. فلما فرغوا قال: لم تؤتوا إلا من الحمق، والله ما أرى منطقاً سديداً، ولا عذراً مبيناً، ولا حلماً، ولا قوة، وإنك يا صعصعة لأحمقهم، اصنعوا وقولوا ما شئتم ما لم تدعوا شيئاً من أمر الله تعالى، فإن كل شيء يحتمل لكم إلا معصية الله تعالى، فأما فيما بيننا وبينكم فأنتم أمراء أنفسكم، فرآهم بعد وهم يشهدون الصلاة ويقضون مع قاضي الجماعة، فدخل عليهم يوماً وبعضهم يقرىء بعضاً فقال: إن في هذا لخلفاً مما قدمتم به علي من النزاع إلى أمر الجاهلية، اذهبوا حيث شئتم واعلموا أنكم إن لزمتم جماعتكم سعدتم بذلك دونهم، وإن لم تلزموها شقيتم بذلك دونهم، ولم تضروا أحداً، فجزوه خيراً، وأثنوا عليه فقال: يا بن الكوا، أي رجل أنا؟ قال: بعيد الثرى، كثير المرعى، طيب البديهة، بعيد الغور، الغالب عليك الحلم، ركن من أركان الإسلام، سدت بك فرجة مخوفة، قال: فأخبرني عن أهل الأحداث من أهل الأمصار فإنك من أفضل أصحابك فقال: كاتبوني وكاتبتهم فأنكروني وعرفتهم. فأما أهل الأحداث من أهل المدينة فهم أحرص الأمة على الشر وأعجزه عنه، وأما أهل الأحداث من أهل الكوفة فإنهم أنظر الناس في صغير وأركبه لكبير، وأما أهل الأحداث من أهل البصرة فإنهم يردون جميعاً ويصدرون شتى، وأما أهل الأحداث من أهل الشام فأطوع الناس لمرشدهم وأعصاهم لمغويهم.
قال علي بن ربيعة: سأل ابن الكوا علياً: ما " الذاريات ذرواً " قال: الريح، قال: فما " الحاملات وقراً " قال: السحاب، قال: فما " الجاريات يسراً " قال: السفن. قال: فما " المقسمات أمراً " قال: الملائكة. قال: هذه اللطمة في القمر، قال الله عز وجل:" وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ".
يا بن الكوا، أما والله ما العلم أردت ولكنك أردت العنت، فكيف بقولك - ثكلتك أمك، لو تعنت يا بن الكوا -: من رب الناس؟ قال: الله، قال: فمن مولى