بالصدر بعد الورود؟ فقال المسلمون: صحبكم الله وردكم إلينا صالحين، ودفع عنكم، فقال ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقولوا إذا مروا على جدثي ... يا أرشد الله من غازٍ وقد رشدا
ثم أتى عبد الله بن رواحة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فودعه ثم قال:
ثبت الله ما آتاك من حسن ... تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
إني تفرست فيك الخير نافلةً ... والله يعلم أني ثابت البصر
أنت الرسول فمن يحرم نوافله ... والوجه منه فقد أزرى به القدر
ثم خرج القوم حتى نزلوا بمعان فبلغهم أن هرقل قد نزل بمآب في مئة ألف من الروم ومئة ألف من المستعربة فأقاموا بمعان يومين، فقالوا: نبعث إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنخبره بكثرة عدونا، فإما أن يمدنا وإما أن يأمرنا أمراً. فشجع الناس عبد الله بن رواحة فقال: يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم إليها تطلبون: الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد ولا كثرة وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به. فإن يظهرنا الله فربما فعل، وإن تكن الأخرى فهي الشهادة، وليست بشر المنزلتين. فقال الناس: والله لقد صدق ابن رواحة، فانشمر الناس وهم ثلاثة آلاف حتى لقوا جموع الروم وهم بقرية من قرى البلقاء يقال لها شراف، ثم انحاز المسلمون إلى مؤته: قرية فوق أحساء ابن مؤت.