ومعها شاة مصلتة، فقالت: يا رسول الله، أنا أم الصبي الذي أتيتك به. قالت: لا والذي بعثك بالحق ما رأيت منه شيئاً يريبني إلى هذه الساعة. قال أسامة: فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا سيم وهكذا كان يدعو به يحشمه، ناولني ذراعها، فامتلخت الذراع، فناولتها إياه فأكلها ثم قال: يا سيم، ناولني الذراع، فقلت: يا رسول الله، إنك قد قلت: ناولني فناولتكها فأكلتها، ثم قلت: ناولني فناولتكها، فأكلتها ثم قلت: ناولني الذراع، وإنما للشاة ذراعان، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما إنك لو أهويت إليها ما زالت تجد فيها ذراعاً ما قلت لك. ثم قال: يا سيم قم، فاخرج فانظر هل ترى خمراً لمخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرجت فمشيت حتى حسرت، فما قطعت الناس وما رأيت شيئاً أرى أنه يواري أحداً، وقد ملأ الناس ما بين السدين.
قال: فهل رأيت شجراً أو رجماً، قلت: بلى، قد رأيت نخلات صغار إلى جانبهن رجم من حجارة، فقال: يا سيم، اذهب إلى النخلات فقل لهن: يأمركن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يلحق بعضكن ببعض حتى يكن سترة لمخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقل ذلك للرجم، فأتيت النخلات فقلت لهن الذي أمرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تقافزهن بعروقهن وترابهن، حتى لصق بعضهن ببعض، وكن كأنهن نخلة واحدة، وقلت ذلك للحجارة، فو الذي بعث بالحق لكأني أنظر إلى تقازفهن حجراً حجراً حتى علا بعضهن بعضاً، فكن كأنهن جدار، فأتيته فأخبرته فقال: خذ الإداوة فأخذتها، ثم انطلقنا نمشي فلما دنونا منهن سبقته فوضعت الإداوة، ثم انصرفت إليه، فانطلق فقضى حاجته، ثم أقبل وهو يحمل الإداوة، فأخذتها منه ثم رجعنا. فلما رحل للخباء قال لي: يا سيم، انطلق إلى النخلات فقل لهن: يأمركن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ترجع كل نخلة منكن إلى مكانها، وقل ذلك للحجارة، فأتيت النخلات فقلت لهن الذي قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فو الذي بعثه بالحق لكأني أنظر إلى تقازفهن حجراً حجراً، حتى عاد كل حجر إلى مكانه، فأتيته فأخبرته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.