وعن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم خلفه، فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس. قال: وكان أحب ما استتر به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته هدف أو حائش نخل فدخل حائط رجل من الأنصار، فإذا جمل؛ فلما رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حن وذرفت عيناه، فأتاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فمسح سراته وذفراه فسكن ثم قال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتىً من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال: ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله عز وجل إياها؟! فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه.
وعن أبي سعيد الخدري قال: بينما راعٍ يرعى بالحرة شاءً إذ انتهر الذئب شاة من شائه، فحال الراعي بين الذئب والشاة، فأقعى الذئب على ذنبه ثم قال للراعي: ألا تتقي الله، تحول بيني وبين رزق ساقه الله إلي، فقال الراعي: العجب من الذئب مقع على ذنبه يتكلم بكلامٍ، كلام الإنس، فقال الذئب للراعي: ألا أحدثك بأعجب من هذا، رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الحرتين يحدث الناس بأنباء ما قد سبق، فساق الراعي النبأ حتى انتهى إلى المدينة فرواها في زاوية من زواياها، ثم دخل على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحدثه بما قال الذئب، فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الناس فقال للراعي: حدثهم، فقام الراعي فأخبر الناس بما قال الذئب، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صدق الراعي، ألا إن من أشراط الساعة كلام السباع للإنس، ويكلم الرجل نعله، وعذبة سوطه، ونخيزة فخذه بما فعل أهله بعده.
وعن المقداد بن عمرو الكندي قال: قدمت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعي رجلان من أصحابي، فطلبنا هل يضيفنا أحد، فلم يضفنا أحد، فأتينا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلنا: يا رسول الله، أصابنا جوع وجهد، وإنا تعرضنا هل يضفنا أحد فلم يضفنا أحد، فدفع إلينا أربعة أعنز فقال: يا مقداد، خذ هذه فاحتلبها