ذلك، فيغفر الله لك. فثار أهل مصر. فهموا بقتله وقتل أولئك، فنهاهم عنه عبد الله بن سعد، وأقر عماراً حتى أراد القفل، فحمله وجهزه بأمر عثمان. فلما قدم على عثمان قال: يا أبا يقظان، قذفت ابن أبي لهب أن قذفك، وغضبت على أن أوطأك فعنفك، وغضبت على أن أخذت لك بحقك وله بحقه. اللهم، إني قد وهبت ما بين أمتي وبيني منمظلمة. اللهم، إني متقرب إليك بإقامة حدودك في كل أحد ولا أبالي، اخرج عني يا عمار، فخرج فكان إذا لقي العوام نضح عن نفسه، وانتقل من ذلك، وإذا لقي من يأمنه أقر بذلك، وأظهر الندم، فلامه الناس وهجروه وكرهوه.
وعن أبي حارثة وأبي عثمان قالا:
لما قدم ابن السوداء مصر عجمهم واستخلاهم واستخلوه وعرض لهم بالكفر فأبعدوه، وعرض لهم بالشقاق فأطعموه، فبدأ فطعن على عمرو بن العاص وقال: ما باله أكثركم عطاء ورزقاً؟ ألا ننصب رجلاً من قريش يسوي بيننا، فاستحلوا ذلك منه وقالوا: كيف نطيق ذلك مع عمرو وهو رجل من العرب؟ قال: تستعفون منه، ثم نعمل عملنا، ونظهر الائتمار بالمعروف والطعن فلا يرده علينا أحد، فاستعفوا منه، وسألوا عبد الله بن سعد فأشركه مع عمرو فجعله على الخراج، وولى عمراً على الحرب ولم يعزله، ثمدخلوا بينهما حتى كتب كل واحد منهما إلى عثمان بالذي بلغه عن صاحبه، وركب أولئك واستعفوا من عمرو، وسألوا عبد الله بن سعد فأعفاهم. فلما قدم عمرو على عثمان قال: ما شأنك يا أبا عبد الله. قال: والله يا أمير المؤمنين، ما كنت منذ وليتهم أجمع أمراً ولا رأياً مني منذ كرهوني، وما أدري من أتيت، فقال عثمان: ولكني أدري. لقد دنا أمر هو الذي كنت أحذره، ولقد جاءني نفر من ركب تردد عنهم عمر وكرههم، ألا وإنه لا بد لما هو كائن أن يكون، وإن كابرتهم كذبوا واحتجوا، وإن كف منهم ما لم ينتهكوا محرماً كان لهم، ولم تثبت لهم الحجة، ووالله لأسيرن فيهم بالصبر، ولأتابعهم ما لم يعص الله عز وجل.