أن جاءت تلمظ. فشدها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الخباء، وأقبل الأعرابي ومعه قربة، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتبيعنيها؟ فقال: هي لك يا رسول الله، فأطلقها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال زيد بن أرقم: فأنا والله رأيتها تسيح في البرية وهي تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعن علي بن أبي طالب قال: بينما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مجلسه يحدث الناس بالثواب والعقاب، والجنة والنار، والبعث والنشور، إذ أقبل أعرابي من بني سليم، بيده اليمنى عظام نخرة، وفي يده اليسرى ضبٌ، فأقبل بالعظام فوضعها بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم عركها برجله ثم قال: يا محمد، ترى ربك يعيدها خلقاً جديداً؟ فأراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جوابه ثم انتظر الإجابة من السماء فنزل جبريل على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:" وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلقٍ عليم " فقرأها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الأعرابي، فقال: واللات والعزى، ما اشتملت أرحام النساء ولا أصلاب الرجال على ذي لهجة أكذب منك ولا أبغض إلي منك، ولولا أن قومي يدعوني عجولاً لقتلتك، ولسررت بقتلك الأسود والأبيض من بني هاشم، فهم به علي بن أبي طالب. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. يا علي، أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبياً؟
فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أعرابي، بئس ما جئتنا به، وسوء ما تستقبلني به، والله إني لمحمود في الأرض، أمين في السماء عند الملائكة، فقام الأعرابي: ورمى الضب في حجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: والله لا أؤمن بك حتى يؤمن بك هذا الضب، فأخذ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذنبه ثم قال: يا ضب، قال: لبيك يا زين من وافى يوم القيامة، قال: من تعبد؟ قال: أعبد الله الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة ثوابه، وفي النار عذابه، قال: من أنا؟ قال: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، حتى نسبه إلى إبراهيم عليه السلام، أنت رسول الله لا يحرم من صدقك، وخاب من صدقك، فولى الأعرابي وهو يضحك، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنا لله وإنا به نستهدي فرجع إليه فقال: بأبي وأمي