همذان سنة نيف وثمانين ومئتين. وكتب عنه عامة المشايخ ذلك الوقت. وكان في وقته بالعراق مشايخ أسند منه، ولم يبلغوا في الإتقان ما بلغ هو.
قال ابن شاذان: قدم ابن أبي أصبهان، فسألوه أن يحدثهم فقال: ما معي أصل، فقالوا: ابن أبي داود وأصول؟! فأملى عليهم ثلاثين ألف حديث، ما أخطأ إلا في سبعة: ثلاثة هو أخطأ فيها، وأربعة كان شيوخه أخطؤوا فيها.
قال أبو بكر بن أبي داود: حدثت بأصبهان من حفظي نيفاً وثلاثين ألف حديث ألزموني الوهم منها في سبعة أحاديث، ولما انصرفت إلى العراق وجدت في كتابي خمسة منها على ما كنت حدثتهم به.
خرج أبو بكر بن أبي داود إلى سجستان في أيام عمرو بن الليث، فاجتمع إليه أصحاب الحديث وسألوه أن يحدثهم فأبى وقال: ليس معي كتاب. فقالوا له: ابن أبي داود وكتاب؟! قال أبو بكر: فأثاروني، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي. فلما قدمت بغداد قال البغداديون: مضى ابن أبي داود إلى سجستان ولعب بالناس، ثم فيجوا فيجاً اكتروه بستة دنانير، إلى سجستان ليكتب لهم النسخة، فكتب وجيء بها إلى بغداد وعرضت على الحفاظ بها فخطؤوني في ستة أحاديث: منها ثلاثة حدثت بها كما حدثت، وثلاثة أحاديث أخطأت فيها.
قال أبو حفص بن شاهين: أملى علينا ابن أبي داود نحو العشرين سنة، ما رأيت بيده كتاباً، إنما كان يملي حفظاً. وكان يقعد على المنبر بعدما عمي، وكان ابنه أبو معمر يقعد تحته بدرجة وبيده كتاب يقول له: حديث كذا، فيقول من حفظه حتى يأتي على المجلس. وكان قرأ عليهم يوماً حديث القنوت من حفظه، فقام أبو تمام الزينبي وقال: لله درك، ما رأيت مثلك إلا أن يكون إبراهيم الحربي. فقال ابن أبي داود: كل ما كان يحفظ إبراهيم فأنا أحفظه، وأنا