أعرف الطب وإبراهيم ما كان يعرفه، وأنا أعرف النجوم وإبراهيم ما كان يعرف.
قال هبة الله بن الحسن الطبري، وحكى عن عيسى بن علي بن عيسى الوزير: إنه كان يشير إلى موضع في داره فيقول: حدثنا أبو القاسم البغوي في ذلك الموضع، وحدثنا يحيى بن صاعد في ذلك الموضع، وحدثنا أبو بكر بن مجاهد في ذلك الموضع، وذكر غير هؤلاء، فقلنا له: لا نراك تذكر أبا بكر بن داود: فقال: ليته إذا مضينا إلى داره كان يأذن لنا في الدخول إليه والقراءة عليه.
قال أبو حفص بن شاهين:
لما أراد الوزير عيسى بن علي أن يصلح بين ابن أبي داود وابن صاعد جمعهما عنده، وحضر القاضي أبو عمر، فقال الوزير لابن أبي داود: أبو محمد أكبر منك فلو قمت إليه يا أبا بكر وسلمت عليه فقال: لا أفعل، فقال له الوزير: أنت شيخ زيف، فقال ابن أبي دواد: الشيخ الزيف الكذاب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال الوزير: من الكذاب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: هذا، ثم قام وقال: تتوهم أني أذل لك لأجل أن رزقي يصل على يدك، والله ما أخذت من يدك شيئاً أبداً، ويم آخذه يكون علي مئة بدنة مجللة مهداة إلى بيت الله الحرام. فكان المقتدر بعد ذلك يرزق رزقه بيده ويجعله في طبق ويبعثه إليه من يد الخادم. وكان مولد ابن صاعد سنة تسع وعشرين، ومولد ابن أبي داود سنة ثلاثين. بينهما سنة. وتوفي ابن أبي داود سنة ست عشرة وثلاث مئة. ومن شعر ابن أبي داود:
إذا تشاجر أهل العلم في خبر ... فليطلب البعض من بعض أصولهم
إخراجك الأصل فعل الصادقين فإن ... لم تخرج الأصل لم تسلك سبيلهم
فاصدع بعلمٍ ولا تردد نصيحتهم ... واظهر أصولك إن الفرع متهم
قال أبو بكر بن أبي داود: رأيت أبا هريرة في النوم وأنا بسجستان أصنف حديث أبي هريرة، كث اللحية ربعة، أسمر، عليه ثياب غلاظ فقلت: يا أبا هريرة، إني لأحبك فقال: أنا أول صاحب