فكيف أخشى الفقر ما عشت لي ... وإنما كفاك لي بيت مال
فأجازه أيضاً. ثم دخل عليه اليوم الثالث فأنشده: الخفيف
أكسني ما يبيد أصلحك الله فإني أكسوك ما لا يبيد
فأجازه وكساه وحمله.
قال أحمد بن يزيد ين أسيد السلمي: كنت مع طاهر بن الحسين بالرقة، وأنا أحد قواده، وكانت لي به خاصة أجلس عن يمينه. فخرج علينا يوماً راكباً ومشينا بين يديه وهو يتمثل: الطويل:
عليكم بداري فاهدموها فإنها ... تراث كريم لا يخاف العواقبا
إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ... وأعرض عن ذكر العواقب جانبا
سأرحض عني العار بالسيف جالباً ... علي قضاء الله ما كان جالبا
فدار حول الرافقة ثم رجع فجلس مجلسه، فنظر في قصص ورقاع فوضع فيها صلات أحصيت ألف ألف وسبع مئة ألف. فلما فرغ نظر إلي مستطعماً الكلام فقلت: أصلح الله الأمير، ما رأيت أنبل من هذا المجلس، ولا أحسن ودعوت له، ثم قلت: لكنه سرف، فقال: السرف من الشرف، فأردت الآية التي فيها " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً " فجئت بالأخرى إليها " إن الله لا يحب المسرفين " فقال: صدق الله، وما قلنا كما قلنا. ثم ضرب الدهر حتى اجتمعنا مع ابنه عبد الله بن طاهر في ذلك القصر بعينه، فخرج علينا راكباً وهو يتمثل: البسيط:
يا أيها المتمني أن يكون فتى ... مثل ابن ليلى لقد خلى لك السبلا
انظر ثلاث خلال قد جمعن له ... هل سب من أحد أو سب أو بخلا