به حق، وأنه ليس يفعل ما فعلت إلا نبي، ثم قال: أتبعك؟ قال: لا، حتى تسمع أنا قد ظهرنا، فإذا بلغك ذلك فاخرج. فتبعه بعدما خرج من الغار. وعن جابر بن عبد الله قال: لما خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر مهاجرين فدخلا الغار، فإذا في الغار جحر فألقمه أبو بكر عقبه حتى أصبح، مخافة أن يخرج على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه شيء. فأقاما في الغار ثلاث ليالٍ ثم خرجا حتى نزلا خيمات أم معبد، فأرسلت إليه أم معبد: إني أرى وجوهاً حساناً، وإن الحي أحرص على كرامتكم مني. فلما أمسوا عندها بعثت إليهم مع ابن لها بشفرة وشاة، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا غلام، اردد الشفرة وهات لي فرقاً يعني: قدحاً فأرسلت إليه بأن لا لبن فيها ولا ولد. قال: هات لي فرقاً فجاؤوه بقدح، فضرب على ظهرها، فاجترت ودرت، وملأ القدح فنشرب وسقى أبا بكر، ثم حلب، فبعث به إلى أم معبد. وعن أنس بن مالك قال: أقبل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المدينة وهو مردفٌ أبا بكر ويقول: يا أبا بكر، شيخ يعرف، ونبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاب لا يعرف. قال: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، فيحسب الحاسب إنما يهديه الطريق، وإنما يعني سبيل الخير. فالتفت أبو بكر فإذا هو بفارس قد لحقهم فقال: يا نبي الله، هذا فارس قد لحق بنا. قال: فالتفت نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: اللهم اصرعه، فصرعه فرسه، ثم قامت تحمحم. قال: ثم قال: يا نبي الله، مرني بما شئت. قال: قف مكانك لا تتركن أحداً يلحق بنا. قال: فكان أول النهار جاهداً على نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان آخر النهار مسلحة له. قال: فنزل نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جانب الحرة. ثم بعث إلى الأنصار فجاؤوا نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلموا عليهما، وقالوا: اركبا آمنين مطاعين. قال: فركب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر، وحفوا حولها بالسلاح. قال: فقيل في المدينة: جاء نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاستسرعوا نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظرون إليه ويقولون: جاء نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: فأقبل يسير حتى نزل إلى جانب دار أبي أيوب. قال: فإنه ليحدث أهله إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخيل لأهله