قال جعفر بن يحيى: نظر أمير المؤمنين السفاح في المرآة، وكان من أجمل الناس وجهاً، فقال: اللهم إني لا أقول كما قال عبد الملك: أنا الملك الشاب، ولكني أقول: اللهم عمرني طويلاً في يطاعتك مُمتّعاً بالعافية، فما استتم كلامه حتى سمع غلاماً يقول لغلامٍ آخر: الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيامٍ، فتطير من كلامه، وقال: حسبي الله، ولا قوة إلا بالله عليه توكلت وبه أستعين، فما مضت الأيام حتى أخذته الحمى، فجعل يوم يتصل بيوم إلى يوم حتى مات بعد شهرين وخمسة أيام.
عن أبي عبيد الله محمد بن عمران بن موسى قال: قال أبو العباس في علته التي مات فيها، وجسه الطبيب: من مجزوء الكامل
انظر إلى ضعف الحرا ... ك وذله بيد السكون
ينبئك أن بيانه ... هذا مقدمة المنون
وله - وقال له الطبيب: إنك صالح: من الوافر
يبشرني بأني ذو صلاحٍ ... يبين له وبي داء دفين
لقد أيقنت أني غير باقٍ ... ولا شك إذا وضح اليقين
حدث إسحاق بن عيسى بن علي عن أبيه: أنه دخل في أول النهار من يوم عرفة على أبي العباس، وهو في مدينته بالأنبار، قال إسحاق: قال أبي: وكنت قد تخلفت عنه أياماً لم أركب إليه فيها، فعابتني على تخلفي عنه، فأعلمته أني كنت أصوم منذ أول يوم من أيام العشر، فقبل عذري، وقال لي: أنا في يومي هذا صائم، فأقم عندي لتقضيني فيه بمحادثتك إياي ما فاتني من محادثتك