في الأيام التي تخلفت عني فيها، ثم تختم ذلك بإفطارك عندي، فأعلمته أني أفعل ذلك، فأقمت إلى أن تبينت النعاس في عينيه، قد غلب عليه، فنهضت عنه، واستمر به النوم، فميّلت بين القائلة في داره، وبين القائلة في داري، فمالت نفسي إلى الانصراف إلى منزلي، لأقيل في الموضع الذي اعتدت القائلة فيه، فصرت إلى منزلي، وقلت إلى وقت الزوال، ثم ركبت إلى دار أمير المؤمنين، فوافيت باب الرحبة الخارج، فإذا برجلٍ دحداحٍ، حسن الوجه، مؤتزر بإزارٍ، متردٍّ بآخر، فسلم علي، فقال: هنأ الله الأمير هذه النعمة، وكل نعمة البشرى، أنا وافد أهل السند، أتيت أمير المؤمنين بسمعهم وطاعتهم، وبيعتهم، فما تمالكت سروراً أن حمدت الله عز وجل على توفيقه إياي في الانصراف رغبةً في أن أبشر أمير المؤمنين بهذه البشرى، فما توسطت الرحبة حتى وافى رجل في مثل لونه وهيئته، وقريب الصورة من صورته، فسلم علي كما سلم الآخر، وهنأني بمثل تهنئته، وذكر أنه وافد أهل إفريقية إلى أمير المؤمنين بسمعهم وطاعتهم، فتضاعف سروري، وأكثرت من حمدي على ما وفقني له من الانصراف، ثم دخلت الدار، فسألت عن أمير المؤمنين، فأخبرت أنه في موضع كان يتهيأ فيه للصلاة، وكان يكون فيه سواكه، وتسريح لحيته، فدخلت إليه وهو يسرح لحيته، فابتدأت بتهنئته، وأعلمته أني رأيت ببابه رجلين، فسقط عليه زمع، وقال: الآخر وافد أهل إفريقية بسمعهم وطاعتهم؟ فقلت: نعم، فوقع المشط من يده، ثم قال: سبحان الله، كل شيءٍ بائد سواه! نعيت والله نفسي.
حدثني إبراهيم الإمام، عن أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب، عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أنه يقدم عليّ في يومٍ واحدٍ في مدينتي هذه وافدان، وافد السند، والآخر وافد إفريقية بسمعهم وطاعتهم، وبيعتهم، فلا تمضي بعد ذلك ثلاثة أيام حتى أموت " وقد أتاني الوافدان، فأعظم الله أجرك يا عم في ابن أخيكّ فقلت له: كلا يا أمير المؤمنين -