القرآن، قال: لا، كانت تشغلنا عنه شواغل، قال: هل حفظت من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومغازيه وأحاديثه شيئاً؟ قال: كانت تشغلنا من ذلك أموالنا، قال: فأحاديث العرب وايامها وأشعارها؟ قال: لا، قال: فأحاديث أهل الحجاز ومضاحكها؟ قال: لا، قال: فأحاديث العجم وآدابها؟ قال: إن ذلك شيء ما كنت أطلبه، فرفع الوليد المنديل وقال: شاهك. قال عبد الله بن معاوية: سبحان الله، قال: لا والله ما معنا في البيت أحد. فلما رأى ذلك الرجل خرج، وأقبلوا على لعبهم.
قال المصنف: ما اعجب كلام الوليد هذا وألطفه، ويشبهه ما روي أن رجلاً خاطب معاوية فأكثر اللغو في كلامه، فضجر معاوية وأعرض عنه، فقال: أسكت يا أمير المؤمنين؟! فقال: وهل تكلمت؟! ولعمري إن ذا الجهل والغباوة إلى منزلةٍ من النقص وسقوط القدر وغن اتفق لهم بالجد إعظام كثير من الناس لهم. وقد ذكر أن بزرجمهر سئل: ما نعمة لا يحسد صاحبها عليها؟ قال: التواضع، قال: فما بلية لا يرحم صاحبها؟ قال: الكبر. قيل: فما الذي إذا انفرد لم يساو شيئاً؟ قال: الحسب بلا أدب.
وكان عبد الله بن معاوية جواداً، شاعراً، وخرج عبد الله بن معاوية بالكوفة في خلافة مروان بن محمد، فبعث إليه مروان جنداً، فلحق بأصبهان، فغلب عليها وعلى تلك الناحية، واجتمع إليه قوم كثير في سنة إحدى وثلاثين ومئة، ثم قتل بمدينة جي. وقيل: بل هرب ولحق بخرسان وأبو مسلم يدعو بها، فبلغه مكانه، فأخذه فحبسه في السجن حتى مات في سنة إحدى وثلاثين ومئة.
وكان عبد الله بن معاوية ظهر وبويع له بالخلافة بأصبهان سنة سبع وعشرين ومئة في خلافة مروان بن محمد، وملك فارس وكرمان، وكثر تبعه، وجبى الأموال، وملك تلك البلاد، وقوي أمره، وكانت بينه وبين عمال مروان وقائع وحروب كثيرة، ولم يزل هناك إلى أن جاءت الدولة العباسية ثم حاربه مالك بن الهيثم صاحب أبي مسلم، فظفربه، وحمله إلى أبي مسلم، فحبسه وقتله. وقيل: بل مات في سجنه.