لأحمد: أرني ماحدثك؟ فنظر فيها، فخطأ الشيخ في ثمانية عشر حديثاً، فلما سمع أحمد بالخطأ رجع، فأراه موضع الخطأ، وأخرج عبد الرزاق الأصول، فوجده كما قال يحيى، ففتح الباب، فقال: ادخلوا، وأخذ مفتاح بيت، فسلمه إلى أحمد بن حنبل، وقال: هذا البيت ماد خلته يد غيري منذ ثمانين سنة أسلمه إليكم بأمانة الله على أنكم لا تقولون مالم أقل، ولاتدخلون علي حديثاً من حديث غيري. ثم أومأ لأحمد، فقال: أنت أمين الله على نفسك وعليهم. قال: فأقاموا عنده حولاً، فلما انصرفوا بلغهم أن بالمدينة شيخاً بدوياً عنده خمسون حديثاً في صحيفة، فجاء يحيى، فأخذ الصحيفة، وجلس يكتب حديثاً من حديثه، وحديثين من حديث غيره. ثم مزجها كلها، ثم جاء ليقرأ، فكان إذا مر على الشيخ حديثه عده، فإذا مر على أذنه حديث غيره قال بيده هكذا، وأشار بيده: لا. قال: فلم يزل حتى انتقاها، فما مر عليه حرف. ثم أجال نظره في وجوه القوم، وهو يومئذ لا يعرفهم، فوقعت عيناه على أحمد بن حنبل، فقال: أما أنت فلا تستحل أن تفعل مثل هذا، ثم وقعت عينه علي - يقول زهير - فقال: أما أنت فلا تحسن أن تفعل مثل هذا. وأومأ بيده إلى يحيى بن معين، ثم رفع رجله، فصك بها صدره، فأقلبه على قفاه، فقال: لاتعد لمثل هذا! وقال عبد الرزاق: كتب عني ثلاثة لا أبالي ألا يكتب عني غيرهم؛ كتب عني ابن الشاذكوني، وهو من أحفظ الناس، وكتب عني يحيى بن معين، وهو من أعرف الناس بالرجال، وكتب عني أحمد بن حنبل وهو من أزهد الناس.
وقال ابن زهير النسائي: تشفعنا بأمرأة عبد الرزاق على عبد الرزاق، فدخلنا على عبد الرزاق، فقال: هاتوا، تشفعتم إلى بمن يتقلب على فراشي. ثم أنشأ يقول: من البسيط
ليس الشفيع الذي يأتيك متزراً ... مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا
وقال أحمد بن الحسن الخلال: أتينا في الرحلة جماعة مسافرين إلى عبد الرزاق بن همام بصنعاء، فامتنع أن