وعن ابن عمر قال: خرجت مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى دخل في بعض حيطان الأنصار، فجعل يلتقط من التمر ويأكل، فقال لي: يا بن عمر، مالك لا تأكل؟! قال: قلت: يا رسول الله، لا أشتهيه، قال: لكنني أشتهيه، وهذه صبح رابعة مذ لم أذق طعاماً ولم أجده، ولو شئت لدعوت ربي عز وجل فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا بن عمر إذا بقيت في قوم يخبؤون رزق سنتهم بضعف اليقين؟ فوالله ما برحنا ولا رمنا حتى نزلت " وكأين من دابةٍ لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم " فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الله عز وجل لم يأمرني بكنز الدنيا ولا اتباع الشهوات، فمن كنز دنيا يريد بها حياة باقية فإن الحياة بيد الله. ألا وإني لا أكنز ديناراً ولا درهماً ولا أخبأ رزقاً لغدٍ. وعن ابن عمر:" لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة " قال: في جوع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعن عبد الله قال: اضطجع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حصير، فأثر الحصير بجلده. فلما استيقظ جعلت أمسح عنه وأقول: ألا أذنتنا فنبسط لك عليه شيئاً يقيك منه؟ فقال: ما لي وللدنيا، ما أنا والدنيا إلا كراكبٍ استظل تحت شجرة ثم راح وتركها.
وعن نوفل بن إياس أنه قال: كان عبد الرحمن بن عوف لنا جليساً، وكان نعم الجليس، وإنه انقلب بنا ذات يوم إذ أدخلنا بيته، ودخل فاغتسل، ثم خرج فجلس معنا، وأُتينا بصفحة فيها خبز ولحم. فلما وضعت بكى عبد الرحمن، فقلت له: يا أبا محمد، ما يبكيك؟! قال: هلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير، ولا أُرانا أُخرنا لما هو خير لنا.