وعن عمرو بن العاص قال: وهو على المنبر بمصر للناس: ما أبعد هديكم من هدي نبيكم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أما هو فأزهد الناس في الدنيا، وأما أنتم فأرغب الناس فيها. وعن عمرو بن العاص قال: لقد أصبحتم وأمسيتم ترغبون فيما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزهد فيه؛ أصبحتم ترغبون في الدنيا، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزهد فيها والله ما أتت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة من دهره إلا كان الذي عليه أكثر مما له. قال: فقال له بعض أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قد رأينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستسلف. وفي رواية: والله، والله ما مر برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له. وعن أبي البختري قال: صحب سلمان رجلٌ من بني عبس، فكان لا يستطيع أن يفضله في عمل: إن عجن خبز، وإن سقى الركاب هيأ العلف للدواب، حتى انتهى إلى دجلة وهو تطفح، فقال له سلمان: انزل فاشرب. قال: فشرب. فقال: ازدد فازدد. قال: كم تراك نقصت منها؟ فقال: ما عسى أن أنقص من هذه. قال: فقال له سلمان: فكذلك العلم تأخذ منه ولا تنقصه، فعليك بما ينفعك. قال: فعبرنا إلى نهر دنّ فإذا الأكداس عليه من الحنطة والشعير فقال: يا أخا بني عبس، أما ترى الذي فتح خزائن هذه علينا كان برأها ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيّ؟ قال: قلت: بلى. قال: فوالذي لا إله غيره لقد كنا نمسي ونصبح وما فينا قفيز من قمح. ثم سار حتى انتهى إلى جلولاء فذكر ما فتح الله عز وجل عليهم فيها