فقال: هذا محال! دخل رجاء بن مرجى بغداد سنة أربعين، ودخل حفص بن عمر الأردبيلي سنة سبعين ومائتين، فكيف سمع منه؟ قال أبو القاسم التنوخي: أراد أبي أن يخرجني إلى عكبرا لأسمع من ابن بطة كتاب " معجم الصحابة "، تصنيف أبي القاسم البغوي، فجاءه أبو عبد الله بن بكير، وقال له: لاتفعل، فإن ابن بطة لم يسمع المعجم من البغوي؛ وذلك أن البغوي حدث به دفعتين الأولى منهما قبل سنة ثلاثمائة في مجلسٍ عام، والأخرى بعد سنة ثلاثمائة في مجلس خاص لعلي بن عيسى وأولاده، ففي أي المرتين سمعه ابن بطة؟ قال الخطيب: وفي هذا القول نظر؛ لأن محمد بن عبد الله بن الشخير قد روى عن البغوي المعجم، وكان سماعه بعد الثلاثمائة بسنين عدة. ولعل ابن بكير أراد بالمرتين قبل سنة عشر وثلاثمائة وبعدها. وأحسب البغوي روى المعجم قبل العشر، فسمعه منه ابن الشخير وغيره، ورواه بعد العشر لعلي بن عيسى وأولاده خاصة. ومما يدل على ذلك أن أبا حفص بن شاهين كان من المكثرين عن البغوي، وكذلك أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر بن شاذان، ولم يكن عند واحدٍ منهم عنه المعجم، فهذا يدل على أن رواية العامة كانت قبل العشر بسنين عدة، فلم يسمع هؤلاء منه المعجم لذلك.
قال لي أبو القاسم الأزهري: ابن بطة ضعيف ضعيف، ليس بحجة. وعندي عنه معجم البغوي، ولاأخرج منه في الصحيح شيئاً. قلت: فكيف كان كتابه بالمعجم؟ فقال: لم نر له أصلاً به، وإنما دفع إلينا نسخة طرية بخط ابن شهاب، فنسخنا منها، وقرأنا عليه.
قال محمد بن أبي الفوارس: روى ابن بطة عن البغوي بسنده عن أنس: " طلب العلم فريضة على كل مسلم "