ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم وأعلم بالأمر من أن يشار عليه إن الله أجل وأعظم من أن تنشد وعده. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يابن رواحة ألا ننشد الله وعده، إن وعد الله لا يخلف الميعاد.
وأقبل عتبة يعمد إلى القتال، فقال له حكيم بن حزام: أبا الوليد، مهلاً مهلاً، تنهى عن شيء وتكون أوله، فلما تزاحف الناس قال الأسود بن عبد الأسد المخزومي حين دنا من الحوض: أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه. فشد الأسود بن عبد الأسد حتى دنا من الحوض، فاستقبله حمزة بن عبد المطلب فضربه فأطن قدمه، فزحف الأسود حتى وقع في الحوض، فهدمه برجله الصحيحة وشرب منه، وأتبعه حمزة فضربه في الحوض فقتله، والمشركون ينظرون على صفوفهم، وهم يرون أنهم ظاهرون، فدنا الناس بعضهم من بعض، فخرج عتبة وشيبة والوليد حتى فصلوا من الصف، ثم دعوا إلى المبارزة، ولما ضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف فأصاب عضلة ساقه فقطعها، وكر حمزة وعلي على شيبة فقتلاه، واحتملا عبيدة فحازاه إلى الصف، ومخ ساقه يسيل، فقال عبيدة: يا رسول الله، ألست شهيداً؟ قال: بلى. قال: أما والله لو كان أبو طالب حياً لعلم أنا أحق بما قال منه حين يقول: من الطويل
كذبتم وبيت الله نخلي محمداً ... ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
ونزلت هذه الآية " هذان خصمان اختصما في ربهم ".
كان أبو ذر يقسم قسماً أنها في الذين برزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، قالوا: وحضر عتبة بن ربيعة بدراً، وهو ابن أربعين ومئة سنة، وقيل ابن اثنتين وخمسين ومئة سنة، قالوا: وشيبة أكبر من عتبة بثلاث سنين.