ولما قال عبيدة: يا رسول الله ألست شهيداً؟ قال: بلى وأنا الشاهد عليك. ثم مات. فدفنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصفراء، ونزل في قبره، وما نزل في قبر أحد غيره.
ولما هزم المشركون جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام، ثم أمر بأبي جهل بن هشام فسحب فألقي في القليب، ثم أمر بعتبة ربيعة فحسب فألقي في القليب، ثم أمر بشيبة بن ربيعة فسحب فألقي في القليب، ثم أمر بأمية بن خلف فسحب فألقي في القليب، وأبو حذيفة بن عتبة قائم إلى جنب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفطن إليه له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما نظر إلى أبيه سحب حتى ألقي في القليب تغير وجهه، فالتفت إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما رآه تغير وجهه قال: يا أبا حذيفة، كأنه ساءك ما صنعنا بعتبة؟ قال: يا رسول الله ما بي ألا أكون مؤمناً بالله ورسوله، ولكن لم يكن في القوم أحد يشبه عتبة في عقله وفي شرفه، فكنت أرجو أن يهديه الله إلى الإسلام، فلما رأيت مصرعه ساءني ذلك. فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيراً، فلما كان في جوف الليل خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعه الناس وهو ينادي في جوف الليل: يا أبا جهل بن هشام، ويا عتبة بن ربيعة، ويا شيبة بن ربيعة، ويا أمية بن خلف، أوجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً. قال: فناداه الناس: يا رسول الله! أتنادي قوماً قد جيفوا؟ قال: والله ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا.
قال ابن عباس في قوله عز وجل " أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض " قال: الذين آمنوا: علي وحمزة وعبيدة بن الحارث، والمفسدون في الأرض، عتبة وشيبة والوليد، وهم الذين تبارزوا يوم بدر.
وكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة ليلة من شهر رمضان على رأس سبعة عشر شهراً من مقدم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، وهي أول سنة أرخت.