للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الغرة، فلا تقال العثرة ولا تمكن من الرجعة، ولا يعذرك من تقدم عليه، ولا يحمدك من خلفت لما تركت له، والسلام.

قال أبو بشر بن لاحق: سمعت عدي بن أرطأة يخطب بعد انقضاء شهر رمضان يقول: كأن كبداً لم تظمأ، وكأن عيناً لم تسهر، فقد ذهب الظمأ وبقي الأجر، فياليت شعري! من المقبول منا فهنئته، ومن المردود منا فنعزيه. فأما أنت أيها المقبول فهنيئاً هنيئاً وأما أنت أيها المردود فجبر الله مصيبتك ثم يبكي ويبكي.

كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة: أما بعد، فإنه من ابتلي بالسلطان فقد ابتلي بأمر عظيم، وأي بلاء أعظم من بلاء يبسط المرء فيه لسانه ويده، أو يتكلم بأمر وهو يعلم أنه لله سخط، فاتق الله يا عدي، وحاسب نفسك قبل يوم القيامة، واذكر ليلة تمخض فيها الساعة، صباحها يوم القيامة، تكور فيها الشمس، وتتناثر فيها النجوم، وتفترق فيها الخلائق زمراً، فريق في الجنة وفريق في السعير، فانظر أين عقلك عند ذلك، والسلام.

رأى عدي بن أرطأة في المنام وهو أمير البصرة كأنه يحتلب بختية، فاحتلب لبناً، ثم احتلب دماً، فكتب رؤياه في صحيفة وبعث بها إلى ابن سيرين وقال لرسوله: لا تعلمه أني رأيت هذه الرؤيا. فجاء الرجل إلى ابن سيرين وقال: رأيت في المنام كذا وكذا. فقال ابن سيرين: هذه الرؤيا لم ترها أنت، رآها عدي بن أرطأة، فانطلق الرجل إلى عدي بن أرطأة، فأخبره بذلك، فأرسل إليه، فأتاه فقال: أما البختية فهؤلاء قوم من العجم، والحلب جباية، واللبن حلال، جبيتهم حلالاً، ثم تعديت فجبيتهم حراماً الدم، تجاوزت ما أحل الله لك إلى ما حرم عليك، فاتق الله وأمسك.

كتب عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز: إن الناس قد أصابوا من الخير خيراً

<<  <  ج: ص:  >  >>