إن ذاك، لقد قتل وبقيت أنا من بعده. قال له معاوية: أليس زعمت أنه لا تحبق في قتل عثمان عنز؟ قال: قد والله حبق فيه التيس الأكبر. قال معاوية: إلا أنه قد بقي من دمه قطرة ولا بد من أن أتتبعها، قال عدي: لا أبا لك شم السيف، فإن سل السيف يسل السيف. فالتفت معاوية إلى حبيب بن مسلمة فقال: اجعلها في كنانتك فإنها حكمة.
وعاش عدي بن حاتم مئة وثمانين سنة، فلما أسن استأذن قومه في وطاء يجلس فيه في ناديهم وقال: إني أكره أن يظن أحدكم أني أرى أن لي عليه فضلاً، ولكني قد كبرت ورق عظمي فقالوا: انتظر. فلما أبطأوا عليه أنشأ عليه أنشأ يقول: من الوافر:
أجيبوا يا بني ثعل بن عمرو ... ولا تكموا الجواب من الحياء
فإني قد كبرت ورق عظمي ... وقل اللحم من بعد النقاء
وأصبحت الغداة أريد شيئاً ... يقيني الأرض من برد الشتاء
وطاء يا بني ثعل بن عمرو ... وليس لشيخكم غير الوطاء
فإن ترضوا به فسرور راض ... وإن تأبوا فإني ذو إباء
سأترك ما أردت لما أردتم ... وردك من عصاك من العناء
لأني من مساءتكم بعيد ... كبعد الأرض من بعد السماء
وإني لا أكون لغير قومي ... وليس الدلو إلا بالرشاء
فأذنوا له أن يبسط في ناديهم، وطابت به أنفسهم، وقالوا: أنت شيخنا وسيدنا وما فينا أحد يكره ذلك ولا يدفعه.
قال المغيرة: خرج عدي بن حاتم وجرير بن عبد الله البجلي وحنظلة الكاتب من الكوفة، فنزلوا