وأنفق عليها مئتي أوقية من ذهب، وأعطاه مئتين من الإبل برعاتها، وفرساً وقينة، ثم هلك أوس، فتحول إلى داره التي في شرقي الحيرة فهلك بها، وقد كان اتصل قبل مهلكه الملوك الذين كانوا بالحيرة وعرفوا حقه وحق ابنه زيد بن أيوب، فلم يكن منهم ملك يملك إلا ولولد أيوب منه جوائز وحملان، ثم إن زيد بن أيوب نكح امرأة من آل قلام فولدت له حماراً، فخرج زيد بن أيوب يوماً يتصيد في أناس من أهل الحيرة، متبدون بحفير المكان الذي يذكره عدي بن زيد في شعره، فانفرد وتباعد عن أصحابه، فلقيه رجل من امرئ القيس الذي كان لهم الثأر قبل أبيه، فقال له وقد عرف فيه شبه أيوب: ممن الرجل؟ قال: من بني تميم، قال: من أيهم؟ قال: مرئي، قال له الأعرابي: وأين منزلك؟ قال: الحيرة، قال: من بني أيوب؟ قال: نعم، ومن أين تعرف بني أيوب؟! واستوحش من الأعرابي، وذكر الثأر الذي هرب منه أبوه، فقال له: سمعت بهم، ولم يعلمه أنه قد عرفه، فقال له ابن أيوب: فمن أي العرب أنت؟ قال: أنا امرؤ من طيئ، فأمنه زيد، ثم إن الأعرابي اغتفل ابن أيوب فرماه بسهم بين كتفيه فعلق قلبه، فلم يرم حافر دابته حتى مات، فلما كان الليل طلب زيداً أصحابه وظنوا أنه قد أمعن في الصيد، فباتوا يطلبونه حتى أيسوا منه، ثم غدوا في طلبه واقتصوا أثره حتى وقعوا عليه، ورأوا معه أثر راكب آخر يسايره، فاتبعوا الأثر حتى وجدوه قتيلاً، فعرفوا أن صاحب الراحلة قتله، فاتبعوه وأغذوا السير فأدركوه مسي الليلة الثانية، فصاحوا به وكان من أرمى الناس فامتنع منهم بالنيل، حتى حال الليل بينهم وبينه، وقد أصاب رجلاً منهم في مرجع كتفه بسهم، فلما أجنه الليل مات، وأفلت المرئي، فرجعوا وقد قتل زيد بن أيوب ورجل آخر من بني الحارث بن كعب، فمكث حمار في أخواله حتى أيفع، فخرج يوماً يلعب مع غلمانه بني لحيان، فلطم اللحياني عين الحمار، فشجه حمار، فخرج أبو اللحياني فضرب حماراً، فأتى أمه يبكي، فأخبرها، فجزعت أمه من ذلك وحولته