فعجبت لذلك، فتقبل به، فإذا برجل له لحية! قال: فدعوتها، فجاءت، فقلت: ما هذا ويحك؟ فقالت: أسمعت بعروة بن حزام قلت: نعم. قالت: هذا عروة بن حزام فقلت له: أنت عروة؟! فكلمني وعيناه تدوران في رأسه، وقال: نعم أنا الذي أقول:
جعلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف نجد إن هما شفياني
فلهفي على عفراء لهف كأنه ... على النحر والأحشاء حد سنان
فعفراء أحظى الناس عندي ... وعفراء عني المعرض المتواني
قال: ثم ذهبت، فما برحت ممر الماء حتى سمعت الصيحة، وقالوا: مات عروة بن حزام.
قال النعمان بن بشير: استعملني عمر بن الخطاب أو قال عثمان على الصدقات سعد هذيم وعذرة وسلامان وضنة والحارث، وهم قضاعة، فلما قبضت الصدقة وقسمتها بين أهلها، وأقبلت بالسهمين الباقيين إلى عمر أو عثمان فلما كنت بعد ذلك في أيام يزيد، ببلاد عذرة في حي منهم يقال لهم: بنو هند، إذا أنا ببيت حريد، منفرد عن الحي، جاحش عن الحي، فملت إليه فإذا عجوز جالسة عند كسر البيت، وإذا شاب قائم في ظل البيت، فلما دنوت منه وسلمت ترنم بصوت له ضعيف:
بذلت لعراف اليمامة حكمه ... وعراف حجر إن هما شفياني
فقالا: نعم، نشفي من الداء كله ... وقاما مع العواد يبتدران
نعم وبلى، قالا: متى كنت هكذا ... ليستخبراني قلت: منذ زمان