قال: وكان عروة يقول: إذا رأيتم من رجل خلعة رائعةً من شر فاحذروه، وإن كان عند الناس رجل حذق، فإن لها عنده أخوات. وإذا رأيتم من رجل خلة رائعة من خير فلا تقطعوا أناتكم عنه، وإن كان عند الناس رجل سوء، فإن لها عنده أخوات.
قال عروة: وإني لأعشق الشرف كما أعشق الجمال، فعل الله بفلانة؛ ألفت بني فلان وهو بيض طوالٌ فقلبتهم سوداً قصاراً.
قال عروة: خطبت إلى عبد الله بن عمر ابنته سودة ونحن في الطواف، فلم يجبني بشيء، فقلت في نفسي: لو رضيني لأجابني. فلما انقضى الحج خرج إلى المدينة قبلي، وخرجت بعده. فلما دخلت المدينة مضيت إليه، فسلمت عليه، فقال لي: كنت ذكرت سودة بنت عبد الله؟ قلت: نعم. قال: كنت ذكرتها ونحن في الطواف نتخايل الله بين أعيننا، أفلك فيها حاجة؟ قلت: أحرص ما كنت. قال: يا غلام: ادع عبد الله بن عبد الله ونافعاً مولى عبد الله. قال: قلت له: وبعض آل الزبير؟ قال: لا. قلت: فمولاك حبيباً؟ قال: ذلك أبعد. ثم قال لهما: هذا عروة بن أبي عبد الله بن الزبير، وقد علمتما حاله، وقد خطب إليّ سودة بنت عبد الله، وقد زوجته إياها بما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وعلى أن يستحلها بما يستحل به مثلها. أقبلت يا عروة؟ قلت: نعم؛ قال: بارك الله لك.
قال عروة بن الزبير: رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزاً طويلاً.