تفرق بنو الزبير في البلاد، فخرج المنذر إلى العراق، وخرج معه بخالد بن الزبير، فأرسل عبد الله بن الزبير مصعباً فرد خالداً من بني المطلب، ونفذ المنذر فقدم الكوفة. وخرج عروة حتى قدم البصرة على عبد الله بن عباس، وهو عامل عليها، فقال له عروة حين دخل عليه: من الطويل.
أمتّ بأرحام إليكم قريبةٍ ... ولا قرب بالأرحام ما لم تقرّب
فقال له ابن عباس: من قالها؟ قال عروة: قلت: أبو أحمد بن جحش. قال ابن عباس: فهل تدري ما قال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: قلت: لا، قال: قال له: صدقت. قال: ثم قال لي: ما أقدمك؟ قال: قلت: اشتدت الحال وأبى عبد الله أن يقسم سبع حجج، وتألّى أن لا يفعل حتى يقضي دين الزبير، وليس يؤدي عنه أحد. قال: ثم أجازني وأعطاني. ثم لحق بمصر فأقام بها بعد.
بعث معاوية إلى عروة بن الزبير مقدمه المدينة، فكشفه وسأله واستنشده، ثم قال: تروي قول جدتك صفية؟ وأراد أن يحركه. وكان يقال: طيّروا دماء الشباب في وجوههم، يقول: حركوهم: من الطويل
خالجت آباد الدهور عليكم ... وأسماء لم تشعر بذلك أيّم
فلو كان زبرّ مشركاً لعذرته ... ولكنه قد يزعم الناس مسلم
فقال لها الزبير: يا أمتاه وما هو إلا الزعم. فقال عروة: نعم وأروي قولها: من الوافر