إذا رفت له سحابة فعدا إليها، فإذا تحتها نهر جارٍ، فاغتسل فيه، ثم تروح في ظلها، فغلبته عيناه، فنام حتى استثقل نوماً. فسلط الله عليه قرية النمل، فارتفعن على ساقيه، فنخسته نملةٌ منها، فدلك إحدى رجليه على الأخرى؛ فقتل نملاً وذراً كثيراً، فانتبه، فأوحى الله إليه فقال:" يا عزير: لم قتلت هذا النمل؟ " قال: يا رب نخستني منها نملة، قال:" يا عزير، نخستك نملة، وقتلت نملاً كثيراً وذراً!! ".
وفي حديث آخر: لما انتبه عزير أحرق قرية النمل، فأوحى الله إليه:" فهلاً نملة واحدة؟! ".
وفي حديث آخر: فأوحى الله إليه: " يا عزير أحرقت قرية النمل، فبلغ من أذاهن إياك أن تحرقهن بالنار، وإنما عضتك منها نملة؟! " فقال: يا رب، إنما عضتني تلك الواحدة بقوتهن. فعلم عزير أن هذا مثل ضربه الله له، فقال عند ذلك عزير: يا رب، أنت كذلك أنت لا يدرك أحد كنه علمك وقدرتك. فقال الله تعالى:" يا عزير زعمت أني حكم عدل لا أجور بين عبادي، وكذلك أنا، وزعمت أني أعذب العامة بذنب الخاصة، والأصاغر بذنب الأكابر. يا عزير، إني لا أعذب العامة بذنب الخاصة حتى يعملوا المنكر جهاراً، فلا يأمروا ولا ينهوا، فأعذب الخاصة بالذنوب والمعاصي؛ فأعجلهم إلى النار، وأعاقب العامة بذنب الخاصة حين تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهم يقدرون على ذلك، فإذا كان يوم القيامة حاسبتهم بأعمالهم، وكان الذي عجلت لهم العقوبة في الدنيا لما تركوا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأما الأصاغر فأقبضهم بآجالهم قبضاً لطيفاً إلى راحتي ".
قال عزير: كذلك أنت إلهي. فقال له ربه:" قم يا عزير، ارجع إلى قومك، وانطلق إلى مدينتك، وقم فيهم، فقد شفعتك فيهم وأنا رادهم إليها ".