صحراء، فدخلوا وسرحوا مواشيهم، والبيوت خلوف ليس فيها أحد إلا النساء ونفير، فلما رأوا الجمع ولّوا، وأخذوا منهم أحد عشر رجلاً، ووجدوا في المحلة من النساء إحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيّاً، فجلبهم إلى المدينة، فأمر بهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحبسوا في دار رملة بنت الحارث.
فقدم منهم عشرة من رؤسائهم: العطارد بن حاجب بن زارة، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، وعمرو بن الأهتم، والأقرع بن حابس، ورياح بن الحارث بن مجاشع. فدخلوا المسجد قبل الظهر، فلما دخلوا سألوا عن سبيهم، فأخبروا بهم، فجاؤوهم فبكى الذراري والنساء، فرجعوا حتى دخلوا المسجد ثانية ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذٍ في بيت عائشة، وقد أذن بلال الأذان الأول، والناس ينتظرون خروج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعجلوا خروجه فنادوه: يا محمد، اخرج إلينا، فقام إليهم بلال، فقال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج الآن، فاستشهر أهل المسجد أصواتهم، فجعلوا يخفضونهم بأيديهم.
فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقام بلال الصلاة، وتعلقوا به يكلمونه، فوقف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معهم بعد إقامة بلال الصلاة مليّاً، وهم يقولون: أتيناك بخطيبنا وشاعرنا فاستمع منا؛ فتبسم النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم مضى فصلى بالناس الظهر، ثم انصرف إلى بيته، فركع ركعتين، ثم خرج فجلس في صحن المسجد.
وقدّموا عطارد بن حاجب التميمي، فخطب فقال: الحمد لله الذي له الفضل علينا، والذي جعلنا ملوكاً، وأعطانا الأموال نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثرهم مالاً وأكثرهم عدداً، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برؤوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن يفاخر فليعدد مثلما عددنا، ولو شئنا لأكثرنا من