فكانا إذا اجتمعا أمرّ رجاء في منزله بحضرة عليّ بن إسحاق، ولا يؤمر علي بن إسحاق، وكان ينكر رجاء إذا كان في منزل علي بن إسحاق أن يؤمر علي بن إسحاق بحضرته؛ فقيل له في ذلك فقال: أنا أجل وأقدم بخراسان، وأولى بالإمارة منه؛ فأحفظ ذلك علياً حتى زوّر كتاباً بولايته الخراج، ووجه إلى رجاء يحضره؛ فقيل لرجاء: وجه إلى شيوخ البلد وإلى الناس فاجمعهم عندك وشاورهم في ذلك؛ فقال رجاء: افتحوا الباب ولا تمنعوا أحداً، وحمله العجب على ترك التحرز.
فوجه إليه علي بن إسحاق من أخرجه راجلاً حتى جاء به إليه، فحبسه ثم قتله، وقتل ابنه، وقتل كاتبه وطبيبه.
فلما فعل ذلك غلظ على عيسى بن سابق، وكان صاحب شرطة دمشق، وشق ذلك أيضاً على جماعة الوجوه من قواده، وتشاوروا فيما بينهم، فقالوا: قد أقدم هذا على أمر غليظ، ونحن فقد علم السلطان موضعنا ومكاننا في البلد، وإنا من أهله وتنّائه، فاتفقوا على أن يقبضوا على علي بن إسحاق فيتوثقوا منه، ويكتبوا إلى السلطان بخبره.
فدخلوا عليه، وأنكروا ما كان منه، فغضب علي بن إسحاق، وقال: خذوا عليهم الباب، فقام إليه عيسى بن سابق وضرب بيده إلى رجله، وقال: لمن تقول هذا يا صبي؟ ووثبوا بأجمعهم إليه فأوثقوه، وكتبوا بخبره إلى الواثق. فأمّروا عليهم عيسى بن سابق.
فورد الكتاب بحمله مستوثقاً منه، فحمل.
وكان محمد بن عبد الملك الزيات يميل إليه، وابن أبي دؤاد يميل إلى رجاء بن أي الضحاك.
فلما أحضر علي بن إسحاق، قال الواثق لابن أبي دؤاد: ما ترى في أمره؟ فغلّظ أمره، وقال: أقدم على قتل رجل بغير حق، ومن عمال السلطان، وما يجب عليه إلا أن يقاد به.