وكان محمد بن عبد الملك الزيات قد أشار على أبيه إسحاق بن يحيى بأن يقول له: أن يظهر الجنون.
فلما أمر الواثق بقتله قال له محمد بن عبد الملك: يا أمير المؤمنين، إنه مجنون، فتعرف ذلك، فوجد كما قال، فقال لابن أبي دؤاد: ماذا ترى؟ فقال: إن كان مجنوناً يا أمير المؤمنين، فما عليه القتل، فأمر بحبسه، فأقام على ذلك سنتين يقذف من يكلمه، ويحدث في موضعه ويتلطخ به.
فقال محمد بن عبد الملك يوماً لأحمد بن مدبر: يا أحمد امض إليه فتعرف خبره. فجاءه وفي وجهه شباك قد عمل له بسبب ما كان يفعله، فقال له: أي شيء خبرك؟ فقال له: وأي شيء تريد مني يا بن الفاعلة؟ فقال له: ليس عرضك كفواً لعرضي فأشتمك، ولكن حبسك أن حلّ بك القتل فتخلصت منه بالجنون والإحداث، ويصير في فيك ولحيتك، فترمي الناس به.
فلم يزل في الحبس أيام الواثق، فلما مات الواثق أطلق، فصارت به لوثة من السوداء، فلقي يوماً الحسن بن رجاء، وكان رجاء وابنه أصدقاء أبيه إسحاق بن يحيى بن معاذ، فسأله أن يقرضه مئة ألف درهم، فقال له الحسن: ويلك! ما أصفق وجهك! تقتل أبي بالأمس، وتستقرض مني اليوم مئة ألف درهم؟! فقال له: وأي شيء يكون؟ اقتل أنت أبي وخذ مني مئة ألف درهم! فعجب الحسن منه، ووجّه إليه بما سأل.
ولما قتل رجاء بن الضحاك رثاه الحسن ابنه بقوله: من مخلع البسيط