يا ضاحكاً بمن استقل غباره ... سيثور عن قدميك ذاك العثير
متقاربٌ إلاّ مناح تعلّلٍ ... ركبٌ إذاً بكروا وركبٌ هجّروا
أمد الحياة ولو تطاول رقدةٌ ... والمرء في حلم بها لا يغبر
يا منكر الأيام في بداوتها ... راجع فإنك عارفٌ ما تنكر
زمنٌ بخيل يستردّ هباته ... أبداً ويطوي صرفه ما ينشر
لو أنّ آثار الليالي نطقت ... صغر العظيم وقلّ ما يستكثر
تسطو بعزّك في ديار معاشرٍ ... كانوا بها وهم أعزّ وأقدر
متبدّلاً ما شئت إصغاراً لهم ... ولو أنّ أعينهم ترى لم يصغروا
فاحفظ حياءك إن رأيت رسومهم ... واسترع حسن حديثهم إن خبّروا
قد خاطبوك وإن هم لم ينطقوا ... ورأيتهم فيها وإن لم يحضروا
لا فرق عند ذوي البصائر بين مو ... جودٍ تراه وممكنٍ يتصوّر
عمروا المنازل والزمان خلالها ... ويوهي من الأعمار ما لا يعمر
لا فارسٌ بجنودها منعت ردى ... كسرى ولا للروم خلّد قيصر
جددٌ، مضى عادٌ وجرهم بعدهم ... وتلاه كهلانٌ وعقّب حمير
وسطا بغسان الملوك وكندةٍ ... فلها دماءٌ عنده لا تثأر
وحجرٌ وعمروٌ والطريد وحارثٌ ... ومحرّق ومزيقياء الأكبر
وثنى إلى لخمٍ سناناً شارعاً ... أودى به نعمانها والمنذر
وخلت قرونٌ بعد ذلك مالها ... أثرٌ يبين ولا حديث يؤثر
لعبت بهم فكأنّهم لم يخلقوا ... ونسوا بها فكأنهم لم يذكروا
أين الألى ولدوك من لد آدمٍ ... وهلمّ حتى بعثمٌ وميسّر