ما عفتهم حتى وردت حياضهم ... وخبرتهم فصدقت عمّا تخبر
فثويت تأمن منهم ما يتّقى ... وتنام عن غير الزمان وتسهر
من أصغر الدنيا فذاك عظيمها ... لا من تراه بعزّها يستكبر
يبدي إذا افتقر الخضوع بقد رما ... يختال في ثوب الرّخاء ويبطر
من لم يهن فيما لديه ما صفا ... عزّ العزاء عليه فيما يكدر
يا حبّذا أدب الحكيم فإنّ ... لا عابسٌ كزٌّ ولا مستبشر
يا من ترى ما لا تراه عينه ... ويغيب بعض القوم عما تحضر
الحيّ من تلقاه حيّاً عقله ... والميت ميت الجهل لا من يقبر
من للخطوب إذا تدانى وردها ... وبدا من الأمر الجناب الأزعر
كانت تسرّ وجوهها ووعيدها ... فالآن تطّرح القناع وتجهر
فلربّما أصدرتها فثنيتها ... رغماً وصدر الهول فيها موغر
ولمحضرٌ أحسنت فيه خلافتي ... حتى اشرأبّ لمّا وصفت الحضّر
ردّيتني رداء فضلك فانثنى ... أدبي به زهواً يميس ويخطر
ولمحفلٌ ١والعلم بين شهوده ... متحفّظٌ وأخو البلاغة محصر
أسكتّ ناطقه بقولٍ فيصلٍ ... أعيت نقائضه على من ينكر
لا جاهل الأقوام ثمّ مقدّمٌ ... وهو الكميّ ولا الوجيه موقّر
فيودّ من ترك التّأدّب للغنى ... لو أنّ نقص مكسبيه الأوفر
ولمرهف الجنبات يركب رأسه ... فيظلّ ينظم في الطّروس وينثر
وتراه إن لبس الكلام دروعه ... يعتل في زرد الدلاص فينحر
يمضي بحيث المشرفيّة تنثني ... ويطول حيث السّمهريّة تقصر
فكأنما المعنى الخفيّ معرّضٌ ... وكأنه لدنٌ بكفّك أسمر