للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت السواد لها إذا ما استيقظت ... وإذا غفوت بها فأنت المحجر

بيني وبين الهم بعدك حرمةٌ ... لا تستباح وذمّةٌ لا تخفر

أرتاح ساحة قبره فأزورها ... والهجر من غير الزيارة ينظر

لا أسمع الشكوى ولا أجلو القذى ... وأراه مهضوماً فلا أتذمّر

بأبي الأعزّة أصبحوا وأسيرهم ... لا يفتدى، وذليلهم لا ينصر

عهدي به غرضاً بطول مقامه ... كيف البراح ومن دمشق المحشر

يقف الفتى والحادثات تسوقه ... والمرء يقدر والمنايا تسخر

فاختطّ منها منزلاً من فوقه ... تسفي أعاصيرٌ وتمضي أعصر

يرتاع آنسه ويرتع حوله ... من نافرات الوحش ما لا ينفر

لم يخل ظهر الأرض ممّن ذكره ... من بين أثناء الصحائف يظهر

إن ستّرت تلك المحاسن بالثرى ... فمن الحديث محاسنٌ لا تستر

أو أسرعت في محوهنّ يد البلى ... فيداك تملي والليالي تسطر

ولقد نظرت إلى الزّمان وجوره ... فأبيت عشية من يضام ويقهر

ورغبت عن دارٍ سحاب همومها ... غدقٌ ونكباء النوائب صرصر

دارٌ يسوءك منعها وعطاؤها ... وتذمّ منها غبّ ما تتخيّر

تأتي فيؤلمك انتظار فراقها ... وتروغ عنك إلى سواك فتحشر

فالناس إمّا حاذرٌ مترقّبٌ ... أو حاصلٌ منها على ما يحذر

وإذا رأيت العيش في إقبالها ... نكداً فكيف تظنه إذ يدبر

إن طبّت الدنيا عليك بقربها ... فلقد علمنا أنّ حظّك أكبر

فارقتها فأمنت هول فراقها ... وتكرّمت عيناك عمّا تنظر

وهجرت قوماً طالما صاحبتهم ... لك عاذر إن كان شيءٌ يعذر

<<  <  ج: ص:  >  >>