ولما ولد علي بن عبد الله ولد معه في تلك السنة لعبد الله بن جعفر غلام فسماه علياً، وكناه بأبي الحسن، فبلغ معاوية فوجه إليهما أن انقلا اسم أبي تراب وكنيته عن ابنيكما، وسمّياهما باسمي، وكنياهما بكنيتي، ولك واحد منكما ألف ألف درهم. فلما قدم الرسول عليهما بهذه الرسالة سارع إلى ذلك عبد الله بن جعفر فسمى ابن معاوية، وأخذ ألف ألف درهم، وأما عبد الله بن عباس، فإنه أبى ذلك، وقال: حدثني علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: ما من قوم يكون فيهم رجل صالح، فيموت، فيخلف فيهم مولود، فيسمونه باسمه إلا خلفهم الله بالحسنى، وما كنت لأفعل ذلك أبداً، فأتى الرسول معاوية، فأخبر بخبر ابن عباس، فردّ الرسول وقال: فانقل الكنية عن كنيته ولك خمس مئة ألف. فلما رجع الرسول إلى ابن عباس بهذه الرسالة قال: أما هذا فنعم، فكناه بأبي محمد.
وقيل: إن علي بن عبد الله بن عباس لما قدم على عبد الملك بن مروان من عند أبيه قال له عبد الملك: ما اسمك؟ قال: علي، قال: أبو من؟ قال: أبو الحسن، قال: لا تجمعهما علي، حوّل كنيتك، ولك مئة ألف درهم، قال: أما وأبي حيّ فلا. فلما مات عبد الله بن عباس كناه عبد الملك أبا محمد.
وعن عكرمة قال: قال لي ابن عباس ولعلي ابنه: انطلقا إلى أبي سعيد الخدري فاسمعا من حديثه، فأتيناه، وهو في حائط له. فلما رآنا قام إلينا، فقال: مرحباً بوصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم أنشأ يحدثنا. فلما رآنا نكتب قال: لا تكتبوا، واحفظوه. كما كنا نحفظ، ولا تتخذوه قرآناً.
وفي حديث آخر:
فإذا هو في حائط له. فلما رآنا أخذ رداءه، فجاء، فقعد، فجعل يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال: كما نحمل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين، قال: فرآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجعل ينفض التراب عنه ويقول: " ويح عمار: ألا تحمل لبنة