حتى تغير لونه، وكان أروح، والأروح الذي تتدانى قدماه إذا مشى كأنه راكب، والناس يمشون، كأنه من رجال بني سدوس، وكان كثّ اللحية جهير الصوت.
قال زرّ بن حبيش: خرجنا مع أهل المدينة في يوم عيد في زمن عمر بن الخطاب، وهو يمشي حافياً، شيخاً، أصلع، أعسر يسر، طوالاً، مشرفاً على الناس، كأنه على دابة، متلثماً ببرد قطري يقول: عباد الله، هاجروا، ولا تهجروا، وليتّق أحدكم الأرنب يحذفها بالعصا، أو يرميها بالحجر فيأكلها لكن لتذك لكم الأسل: الرماح والنبل.
قال عبيد بن عمير: كنت إذا رأيت عمر في قوم رأيته مشرفاً عليهم، يفوقهم بهذه، وأشار سفيان بيده فوضعها على شاربه.
وكان عمر بن الخطاب يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ويجمع جراميزه، ويثب على فرسه، فكأنما خلق على ظهره.
وعن أم عبد الله بنت أبي خيثمة قالت: إنا لنرتحل إلى أرض الحشة، وقد ذهب عامر بن ربيعة في بعض حاجته، إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف عليّ، قالت: وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وغلظة علينا، فقال: إنه الانطلاق يا أم عبد الله، قالت: قلت لعمر: والله لنخرجنّ في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل اله لنا فرجاً، فقال عمرك صحبكم الله، ورأيت منه رقة لم أرها منه قط. قالت: فلما رجع ابن ربيعة من حاجته قلت: يا أبا عبد الله، لو رأيت