وعن ابن عمر أن عمر لمّا كان عام الرّمادة، واشتد الجوع على أهل المدينة، قال: والله لا أتأدّم وكان رجلاً لا يوافقه الزّيت ولا الشّعير ولا التّمر، وكان يوافقه السّمن فقال: والله لا أتادّم بالسّمن حتى يفتح الله على المسلمين عامه هذا.
قال: فشحب، وصحب بطنه، وضعف قوّته. قال: فاشترت ابنته له عكّة من سمن، فحلف بالله لا يأكل منها ولا يتأدّمها، فجعل إذا أكل خبز الشّعير والثّمر بغير أدم تقرقر بطنه؛ يقول هو في المجلس ويضع يده على بطنه: إن شئت فقرقر، وإن شئت لا تقرقر، مالك عندي أدم حتى يفتح الله على العامّة.
حدّث نافع مولى الزّبير، قال: سمعت أبا هريرة يقول: رحم الله ابن حنتمة، لقد رأيته عام الرمّادة، وإنه ليحمل على ظهره جرابين، وعكّة زيت في يده، وإنه ليعتقب هو وأسلم؛ فلمّا رآني قال: من أين يا أبا هريرة؟ قلت: قريباً.
قال: فأخذت أعقبه، فحملناه، حتى انتهينا إلى صرار، فإذا صرم نحو من عشرين بيتاً من محارب، فقال عمر: ما أقدمكم؟ قالوا: الجهد.
قال: وأخرجوا لنا جلد الميتة مشويّاً كانوا يأكلونه، ورمّة العظام مسحوقةً كانوا يسفّونها؛ فرأيت عمر طرح رداءه، ثم اتّزر، فما زال يطبخ لهم حتى شبعوا.
وأرسل أسلم إلى المدينة فجاء بأبعرة فحملهم عليها حتى أنزلهم الجبّانة، ثم كساهم، وكان يختلف إليهم وإلى غيرهم حتى رفع الله ذلك.
وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: لمّا كان عام الرّمادة تحلّبت العرب من كلّ ناحية فقدموا المدينة، فكان عمر بن