وعن ثروان مولى عمر بن عبد العزيز، قال: دخل عمر بن عبد العزيز إلى اصطبل أبيه وهو غلام فضربه فرس فشجّه، فجعل أبوه يمسح عنه الدّم ويقول: إن كنت أشجّ بين أميّة إنّك إذاً لسعيد.
عن يعقوب، عن أبيه: أن عبد العزيز بن مروان بعث ابنه عمر بن عبد العزيز إلى المدينة يتأدب بها، فكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده، فكان يلزمه الصّلوات؛ فأبطأ يوماً عن الّصلاة فقال: ما حبسك؟ قال: كانت مرجّلتي تسكن شعري! فقال: بلغ منك حبّك تسكين شعرك أن تؤثره على الصّلاة؟ فكتب إلى عبد العزيز يذكر ذلك، فبعث إليه عبد العزيز رسولاً فلم يكلّمه حتى حلق شعره. وكان عمر يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله يسمع منه العلم، فبلغ عبيد الله أن عمر ينتقص عليّ بن أبي طالب، فأتاه عمر، فقام يصّلي، وأرز عمر فلم يبرح حتى سلّم من ركعتين، ثم أقبل على عمر بن عبد العزيز فقال: متى بلغك أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟ قال: فعرف عمر ما أراد؛ فقال: معذرة إلى الله وإليك، والله لا أعود. قال: فما سمع عمر بن عبد العزيز، بعد ذلك ذاكراً عليّاً إلاّ بخير.
حدّث العتبيّ، قال: إن أول ما استبين من عمر بن عبد العزيز وحرصه على العلم ورغبته في الأدب، أن أباه ولي مصر وهو حديث السّنّ يشكّ في بلوغه، فأراد إخراجه معه؛ فقال: يا أبه، أو غير ذلك، لعلّه أن يكون أنفع لي ولك؛ ترحلّني إلى المدينة فأقعد إلى فقهاء أهلها وأتأدّب بآدابهم.