وعن عبد الله بن نافع، قال: ماتت أخت لعمر بن عبد العزيز. قال: فشهدها النّاس، فانصرفوا معه إلى منزله؛ فلّما صار إلى بابه أخذ بحلقة الباب ثم قال: انصرفوا أيّها النّاس مأجورين، أدّى الله الحقّ عنكم؛ فإنا أهل بيت لا نعزّى في أحد من النّساء إلاّ في اثنتين: أمّ لواجب حقّها، وما فرض الله من برّها؛ وامرأة للطف موضعها، وأنه لا يحلّ محلّها أحد.
قال عمر بن عبد العزيز لرجل من جلسائه: يا أبا فلان، لقد أرقت اللّيلة مفكراً. قال: فيم يا أمير المؤمنين؟ قال: في القبر وساكنه؛ إنك لو رأيت الميت بعد ثالثة في قبره لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك بناحيته، ولرأيت بيتاً تجول فيه الهوام، ويجري فيه الصّديد، ويخترقه الدّيدان، مع تغيّر الرّيح وبلى الأكفان؛ بعد حسن الهيئة وطيب الرّيح ونقاء الثّوب. قال: ثم شهق شهقةً خرّ مغشياً عليه.
عن المغيرة بن حكيم، قال: قالت لي فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر بن عبد العزيز: يا مغيرة، إنه يكون في النّاس من هو أكثر صلاةً وصياماً من عمر، وما رأيت أحداً قطّ أشدّ فرقاً من ربّه من عمر؛ كان إذا صلّى العشاء قعد في مسجده ثم رفع يديه فلم يزل يبكي حتى تغلبه عينه، ثم ينتبه فلا يزال رافعاً يديه يبكي تغلبه عينه.
عن وهيب بن الورد، قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز لّما توفي جاء الفقهاء إلى امرأته يعزّونها به، فقالوا لها: جئناك لنعزّيك بعمر، فقد عمّت مصيبته الأمة، فأخبرينا يرحمك الله عن عمر، كيف كانت حاله في بيته فإن أعلم النّاس بالرّجل أهله. فقالت: والله ما كان عمر بأكثركم صلاةً ولا صياماً، ولكني والله ما رأيت عبداً لله