أو رجّةً فقال: ما هذه؟ فقيل: هذا مركب الخلافة يا أمير المؤمنين، قرّبت إليك لتركبها. فقال: ما لي ولها، نحّوها عنّي، قرّبوا إليّ بغلتي؛ فقربت إليه بغلته فركبها، فجاءه صاحب الشّرط يسير بين يديه بالحربة؛ فقال: تنحّ عنّي، ما لي ولك، إنّما أنا رجل من المسلمين. فسار وسار معه النّاس حتى دخلوا المسجد، فصعد المنبر واجتمع النّاس إليه، فقال: يا أيّها النّاس، إنّي قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي منّي فيه ولا طلبة له ولا مشورة من المسلمين، وإنّي قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم. فصاح النّاس صيحةً واحدةً: قد اخترناك يا أمير المؤمنين، ورضيناك، فل أمرنا باليمن والبركة. فلمّا رأى الأصوات قد هدّت ورضي النّاس به جميعاً، حمد الله عزّ وجلّ وأثنى عليه وصلّى على النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أوصيكم بتقوى الله، فإن تقوى الله خلف من كلّ شيء، وليس من تقوى الله خلف؛ فاعملوا لآخرتكم فإنه من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، وأصلحوا سرائركم يصلح الله الكريم علانيتكم، وأكثروا ذكر الموت وأحسنوا الاستعداد قبل أن ينزل بكم، فإنه هادم اللّذّات؛ وإن من لا يذكر من آبائه فيما بينه وبين آدم أباً حيّاً لمعرق له في الموت، وإن هذه الأمة لا تختلف في ربّها عز ّو جلّ ولا في نبيّها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا في كتابها، إنّما اختلفوا في الدّينار والدّرهم، وإني والله لا أعطي أحداً باطلاً ولا أمنع أحداً حقّاً. ثم رفع صوته حتى أسمع النّاس فقال: يا أيّها النّاس من أطاع الله فقد وجبت طاعته، ومن عصى الله فلا طاعة له؛ أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم. ثم نزل فدخل، فأمر بالسّتور فهتكت، والثّياب التي كانت تبسط للخلفاء فحملت، وأمر ببيعها وإدخال أثمانها في بيت مال المسلمين. ثم ذهب يتبوّأ مقيلاً، فأتاه ابنه عبد الملك بن عمر فقال: يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع؟ قال: أي بنيّ، أقيل. قال: تقيل ولا تردّ المظالم؟ قال: أي بنيّ، قد سهرت البارحة في أمر عمّك سليمان، فإذا صلّيت الظّهر رددت المظالم. قال: يا أمير المؤمنين من لك أن تعيش إلى الظّهر؟ قال: