ادن منّي أي بنّي. فدنا منه فالتزمه وقبّل بين عينيه، وقال: الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني. فخرج ولم يقل، وأمر مناديه أن ينادي: ألا من كانت له مظلمة فليرفعها؛ فقام إليه رجل ذمّيّ من أهل حمص أبيض الرّأس واللّحية، فقال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله. قال: وما ذاك؟ قال: العبّاس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني أرضي والعبّاس جالس فقال له: يا عبّاس ما تقول؟ قال: أقطعنيها أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، وكتب لي بها سجلاًّ. فقال عمر: ما تقول يا ذمّيّ؟ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك كتاب الله عزّ وجلّ. فقال عمر: كتاب الله أحقّ أن يتّبع من كتاب الوليد بن عبد الملك، قم فاردد عليه يا عبّاس ضيعته. فردّ عليه؛ فجعل لا يدع شيئاً ممّا كان في يديه وفي يد أهل بيته من المظالم إلاّ ردّها مظلمةً مظلمةً. فبلغ ذلك عمر بن الوليد بن عبد الملك، فكتب إليه: إنك أزريت على من كان قبلك من الخلفاء وعبت عليهم، وسرت بغير سيرتهم بغضاً وشناناً لمن بعدهم من أولادهم، قطعت ما أمر الله أن يوصل إذ عمدت إلى أموال قريش ومواريثهم فأدخلتها بيت المال جوراً وعدواناً، فاتّق الله يا ابن العزيز وراقبه، إن شططت لم تطمئن على منبرك، خصصت أولي قرابتك بالظلم والجور، فو الذي خصّ محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما خصّه به لقد ازددت من الله عزّ وجلّ بعداً في ولايتك هذه؛ إن زعمت أنها عليك بلاء فأقصر بعض ميلك، واعلم أنك بعين جبّار وفي قبضته، ولن تترك على هذا، اللهم فسل سليمان بن عبد الملك عمّا صنع بأمّة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فلمّا قرأ عمر بن عبد العزيز كتابه، كتب إليه: بسم الله الرّحمن الرحيم. من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عمر بن الوليد، السّلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين، أمّا بعد: فقد بلغني كتابك، وسأجيبك بنحو منه؛ أما أول شأنك ابن الوليد كما زعم فأمّك بنانة أمة للسّكون كانت تطوف في سوق حمص وتدخل في حوانيتها، ثم الله أعلم بما اشتراها دينار بن دينار من فيء المسلمين فأهداها لأبيك، فحملت بك، فبئس المحمول وبئس المولود، ثم نشأت فكنت جبّاراً عنيداً، تزعم أني من الظالمين أن حرمتك وأهل بيتك في