ألم ترى مفتاح الفؤاد لسانه ... إذا هو أبدى ما يقول من الفم
وكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التّكلّم
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلاّ صورة الّلحم والدّم
قال سلم بن قتيلة: كنت عند ابن هبيرة الأكبر، فجرى الحديث حتى جرى ذكر العربيّة، فقال: والله ما استوى رجلان دينهما واحد وحسبهما واحد ومروءتهما واحدة، أحدهما يلحن والآخر لا يلحن؛ إن أفضلهما في الدّنيا والآخرة الذي لا يلحن. قلت: أصلح الله الأمير، هذا أفضل في الدّنيا لفضل فصاحته وعربيّته، أرأيت الآخرة ما باله أفضل فيها؟ قال: إنه يقرأ كتاب الله على ما أنزله الله، وإن الذي يلحن يحمله لحنه على أن يدخل في كتاب الله ما ليس فيه ويخرج منه ما هو فيه. قال: قلت: صدق الأمير وبرّ.
قال عمر بن هبيرة: عليكم بمباكرة الغداء فإن في مباكرته ثلاث خصال؛ يطيّب النّكهة، ويطفئ المرّة، ويعين على المروءة. فقيل: وما يعين على المروءة؟ قال: لا تتوق نفسه إلى طعام غيره.
عن ابن عائشة، قال: ألقى ابن هبيرة إلى مثجور بن غيلان بن خرشة الضّبّيّ فصّاً أزرق وقال له: اجعله على خاتمك فإنه حسن؛ يريد قول الشّاعر: من الطويل
لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر ... كما كلّ ضبّيّ من اللّوم أزرق
فأخذ الفصّ مثجور، فشدّه بسير، وردّه عليه؛ يريد قول سالم: من البسيط
لا تأمننّ فزاريّاً خلوت به ... على قلوصك واشددها بأسيار