يمشين رهواً فلا الأعجاز خاذلة ... ولا الصّدور على الأعجاز تتّكل
من كلّ سامية العينين تحسبها ... مجنونة أو ترى ما لا ترى الإبل
حتى وردن ركيّات الغوير وقد ... كاد الملاء من الكتّان يشتعل
يمشين معترضات والحصا رمض ... والرّيح ساكرة والظّل معتدل
والعيش لا عيش إلا ما تقرّ به ... عين ولا حال إلاّ سوف ينتقل
إن تصبحي من أبي عثمان منجحة ... فقد يهون على المستنجح العمل
والنّاس من يلق خيراً قائلون له ... ما يشتهي، ولأمّ المخطئ الهبل
قد يدرك المتأنّي بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزّلل
قال القاضي: لعمري إن هذه الأبيات لمن رصين الشعر وبليغه، وكلمة القطانيّ التي هذه الأبيات منها من أجود شعره.
قال محمد بن سلام: وكان القطاميّ شاعراً فحلاً، رقيق الحواشي، حلو الشّعر، والأخطل أبعد منه ذكراً، وأمتن شعراً. وكان زفر بن الحارث أسره في حرب بينهم وبين تغلب، فمنّ عليه وأعطاه مئة من الأبل، وردّ عليه ماله، فقال القطاميّ في كلمة له: من البسيط
من مبلغ زفر القيسيّ مدحته ... عن القطاميّ قولاً غير إفناد
فلن أثيبك بالنّعماء مشتمة ... ولن أبدّل إحساناً بإفساد
إنيّ وإن كان قومي ليس بينهم ... وبين قومك إلاّ ضربة الهادي
مثن عليك بما أسلفت من حسن ... وقد تعرّض منّي مقتل بادي
فإن هجوتك ما تّمت محافظتي ... وإن مدحت لقد أحسنت إصفادي
إذ يعتريك رجال يسألون دمي ... ولو تعطيهم أبكيت عوّادي