عن محمد بن عبيد الله العتبيّ، قال: خرجت إلى المربد فإذا بأعرابيّ غزل، فملت إليه، فذكرت عنده النّساء، فتنفّس ثم قال: يا بن أخي، وإن من كلامهنّ لما يقوم مقام الماء فيسقي من الظّمأ. فقلت: يا أعرابيّ، صف لي نساءكم. فقال: نساء الحيّ تريد؟ قلت: نعم. فأنشأ يقول: من الكامل
رجح ولسن من اللّواتي بالضّحى ... لذيولهنّ على الطّريق غبار
وإذا خرجن يردن أهل مصيبة ... كان الخطا لسراعها الإستار
يأنسن عند بعولهنّ إذا خلوا ... وإذا هم خرجوا فهنّ خفار
قال العتبيّ: فرجعت إلى أبي فذكرت ذلك له. فقال: أتدري من أين أخذ الأعرابيّ قوله: وإن من كلامهنّ لما يقوم مقام الماء فيسقي من الظّمأ؟ قال: من قول القطاميّ: من البسيط
يقتلننا بحديث ليس يعلمه ... من يتّقين ولا مكنونه باد
فهنّ ينبذن من قول يصبن به ... مواقع الماء من ذي الغلّة الصّادي
قال الأصمعيّ: قال بلال بن أبي بردة لجلسائه ذات ليلة: خبّروني بسابق الشعراء والمصلّي والثّالث والرّابع. فسكتوا. ثم قالوا له: إن رأى الأمير أصلحه الله أن يخبرنا بذلك فعل. قال: سابق الشعراء قول المرقّش: من الطويل
من يلق خيراً يحمد النّاس أمره ... ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائماً