فلمّا رأت في القلب تصوير حبّها ... أشارت بأنفاس ولم تتكلّم
فباح الهوى منها ومنّي صبابة ... بمكنون أسرار الضّمير المكتّم
فأيقنت أن القلب قد قال: مرحبا ... وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيّم
فأمسكت منها بالرّجاء وأمسكت ... بأردان قلب مستهام متيّم
فقل يا أمير المؤمنين فإنّما ... إليك رحلنا في الحكومة فاحكم
فأجابه عبد الملك في ظهر قصّته: من الطويل
سأحكم يا زيد بن سعد عليكما ... وأقضي بحقّ واجب غير مبهم
ذكرت بأن القلب منك بكفّها ... وحبّك منها في الضّمير المكتّم
فقد قاسمتك الحبّ منها فما أرى ... سبيلاً عليها في الحكومة فاعلم
تمسّكت منها بالرّجاء وأمسكت ... بأردان روح القلب منك المتيّم
فأخف هواها في فؤادك لا تبح ... به يا بن سعد في الأنام فتصرم
فإنّ بكتمان الهوى يظفر الفتى ... بكلّ كعاب كالرّبيب المنعّم
ورفع صعب بن سفيان قصّته، وفيها: من الطويل
تذكّرت أيّام الرّضى منك في الهوى ... على المطل منكم بالعصارة والتعب
وفعل كريم قد يجازى بمثله ... إذا نحن أجرينا الهوى غاية الحبّ
وإحداثك الهجران من بعد صبوة ... على غير ما جرم جنيت ولا ذنب
كأني على جمر الغضا من صدودكم ... يقلّبني جنباً لظهر على جنب
فقل يا أمير المؤمنين فإنّما ... أتيناك كي تقضي لقلب على قلب
فأجابه عبد الملك في ظهر قصّته: من الطويل
يحكّمني صعب وقد شفّه الهوى ... ولست أرى في الحكم جوراً على صعب
لقد جارت الحوراء يا صعب في الهوى ... عليك وما أحدثت ذنباً سوى الحبّ
علام وفيم الصّدّ منها وما أرى ... لها سبباً يدني إلى سبب العتب
فإن هي لم تقبل عليك بودّها ... وتلقاك منها بالبشاشة والرّحب
فحكمي عليها أن تجازى بفعلها ... كذلكم أقضي لقلب على قلب