للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارتجت المدينة صيحة واحدة، وأذن بلال بالفجر، فلما بلغ ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكى فانتحب فزادنا حزناً، وعالج الناس الدخول إلى قبره. فغلق دونهم، فيا لها مصيبة. فما أصبت بعده بمصيبة إلا هانت علي إذا ذكرت مصيبتنا به عليه السلام. وعن القاسم بن محمد قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أماه أكشفي لي عن قبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصاحبيه، فكشفت لي عن ثلاثة قبور، لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء. فرأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقدماً. وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمر رأسه عند رجل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أبو بكر رضي الله عنه، عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ٠ وعن وردان وكان بنى مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إمرة عمر بن عبد العزيز على المدينة. قال وردان: كان بيت عاشة سقط شقه الشرقي. قال: فدعيت فجئت إلى عمر بن عبد العزيز. قال وردان: فقلت له: إنا نخاف أن يغلبنا الناس على قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرت بالعمد فأتيت بها، وثم أمرت بالصياصي فجعلت سرادفاً عليه. فكان ذلك السرادق أول سرادق رؤي بالمدينة فسترت عليه. فلما أصبحنا قال لي عمر: ادخل يا وردان فدخلت وحدي وأبناء المهاجرين والأنصار والعرب يتناولون ما أخرج من التراب، حتى وصلت الجدار الذي كان فيه قدم عمر بن الخطاب. فلما رأيتها قلت: أيها الأمير هذه قدم قد بدت لي فارتاع لها وارتاع من معه من قريش والأنصار والعرب فقال له سالم: أيها الأمير لم ترع، هذه قدم أبي وأبيك عمر بن الخطاب. سمعت ابن عمر يقول: كان رجل طوالاً فضاق عنه اللحد فحفروا لقدميه في الجدار. فقال: غيبها رحمك الله يا وردان.

قال وردان: فبنيت طاماً على قدميه. وعن محمد بن قيس قال: انهد الهائط الذي على قبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأيت قبره مرتفعاً من الأرض، وقبر أبي بكر وعمر. فقبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقدم في القبلة. وقبر أبي بكر وراءه من قبل رأس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقبر عمر وراء قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قبل رجليه بحذاء قبر أبي بكر. كأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمام وهما خلفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>