وقالت الأنصار: ألحدوا كما نحفر بأرضنا، فلما أختلفوا في ذلك قالوا: اللهم خر لنبيك، وبعثوا إلى أبي عبيدة وإلى أبي طلحة فأيهما جاء قبل فليعمل عليه. قال: فجاء أبو طلحة فقال: والله إني لأرجو أن يكون الله قد خار لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إنه كان يرى اللحد فيعجبه. قال: وأختلفوا فقال قائل: بالبقيع فإنه كان يكثر الإستغفار لأهل البقيع وأصحابه، فادفنوه به، قال قائل: ادفنوه عند قبره، وقال قائل: ادفنوه في مصلاه، قال أبو بكر إن عندي فيما تختلفون فيه علماً: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ما مات نبي قط إلا دفن حيث يقبض، فخط حول الفراش ثم حول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالفراش في ناحية البيت. وحفر أبو طلحة القبر، فانتهى به إلى أصل الجدار إلى القبلة وجعل رأس رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يلي بابه الذي كان يخرج منه للصلاة. وعن الحسن قال: جعل في قبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطيفة حمراء كان أصابها في يوم حنين. قال: جعلوها لأن المدينة أرض سبخة. وعن سليمان بن موسى قال: جعلوا في لحد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحته قطيفة بيضاء، كان يجعلها على رحله إذا سافر لتقيه سبخة المدينة، وبنوا عليه اللبن بنياناً كبناء القباب، حتى لحق البناء بجدار القبر. وعن الحسن قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: افرشوا لي قطيفتي في لحدي، فإن الأرض لم تسلط على أجساد الأنبياء. قالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى سمعنا صوت المساحي من جوف ليلة الأربعاء. وعن أم سلمة قالت: نحن نبكي على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيوتنا، لم ننم ولم نسكن لرؤيته على السرير، فسمعنا صوت الكرازين في ليلة الثلاثاء. قالت أم سلمة: فصحنا فصاح أهل المسجد،