يا ليتني بدله، فقالت أم الدرداء: يا أبا الدرداء، مالك إذا مات الرجل على الحال الصالحة قلت هنيئاً له! يا ليتني بدله؟ قال وما تعلمين يا حمقاء أن الرجل يصبح مؤمناً ويمسي منافقاً! قلت وكيف ذلك؟ قال: يسلب إيمانه ولا يشعر، لأنا لهذا بالموت أغبط مني بالبقاء في الصلاة والصيام.
وعن أبي الدرداء قال: استعيذوا بالله من خشوع النفاق، قيل: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع.
قيل لأبي الدرداء: كل أصحابك قد قال الشعر غيرك، فأطرق طويلاً ثم قال: من الوافر
يريد العبد أن يعطى مناه ... ويأبي الله إلا ما أرادا
يقولوا: لقد أحسنت فزد، قال: لا، إنما قلت حين قلتم إن أصحابي كلهم قد قالوا، كرهت أن يعملوا عملاً لا أعمله، وليس الشعر من شأني.
وعن أبي الدرداء أنه قال: إن أبغض الناس إلي أن أظلمه لمن لا يجد أحداً يستغيثه علي إلا الله عز وجل.
كان لأبي الدرداء جملٌ يقال له دمون، فكان إذا استعاروه منه قال: لا تحملوا عليه إلا كذا وكذا فإنه لا يطبق أكثر من ذلك، فلما حضرته الوفاة قال: يا دمون لا تخاصمني غداً عند ربي فإني لم أكن أحمل عليك إلا ما تطيق.
وعن جبير بن نفير قال:
لما فتحت قبرس مر بالسبي، فجاء أبو الدرداء يبكي، فقال له جبير: تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ قال: ياجبير، بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة