فقال كثير: بأبي أنت، أقصري عن ذكرها واسمعي ما أقول. ثم قال: من البسيط
هل وصل عزة إلا وصل غانيةٍ ... في وصل غانيةٍ من وصلها بدل
قالت: فهل لك في المجالسة؟ فقال: كيف لي بذلك؟ فقالت: فكيف بما قلت في عزة وسيرته لها؟ فقال: أقلبه فيتحول إليك ويصير لك. قال: فسفرت عن وجهها وقالت: أغدراً وتنكاثاً يافاسق! وإنك لهاهنا يا عدو الله؟ قال: فبهت وأبلس ولم ينطلق، وتحير وخجل. ثم إنها عرفت أمرها ونكثه وغدره بها، وأعلمته سوء فعاله وقلة حفاظه، ونقضه العهد والميثاق ثم قالت: قاتل الله جميلاً حيث يقول: من الطويل
لحا الله من لاينفع الود عنده ... ومن حبله إن صد غير متين
ومن هو ذو وجهن ليس بدائمٍ ... على العهد حلافٌ بكل يمين
فأنشأ كثير يقول بانخزالٍ وحصرٍ وانكسار يعتذر إليها ويتنصل متمثلاً بقول جميل - ويقال بل سرقه من جميل ونحله إلى نفسه فقال: من الطويل
ألا ليتني قبل الذي قلت شيب لي ... من المذعف القاضي وسم الذرارح
فمت ولم تعلم علي خيانةٌ ... ألا رب باغي الربح ليس برابح
فلا تحمليها واجعليها جنايةٌ ... تروحت منها في مياحة مائح
أبوء بذنبي إنني قد ظلمتها ... وإني بباقي سرها غير بائح
قال الزبير بن بكار: بينما كثير ينشد الناس وقد حشدوا له إذ مرت به عزة ومعها زوجها، فقال لها زوجها: والله لتسبنه أو لأسوءنك، فقربت منه تسبه فأنشأ يقول: من الطويل
يكلفها الخنزير سبي وما بها ... هواني ولكن للمليك استذلت
هنيئاً مريئاً غير داءٍ مخامرٍ ... لعزة من أعراضنا ما استحلت