قال ابن بشير المدني: وفدت إلى بعض ملوك بني أمية، فمررت بقريةٍ فإذا رجلٌ مرنح بالشراب، قائم يبول فسألته عن الطريق فقال: أمامك. ثم لحقني فقال: انزل، فنزلت فقال: ادن وعليك الحانة، فدخلت فأحضر سفرة واستل سلة فأخرج منها رغفاً ووذراً من لحم، فقال: أصب فأصبت، ثم صقاني خمراً، فإذا أبو مالك! ثم قال لي: كيف علمك بالشعر؟ قلت: قد زويت، فأنشدني قصيدته: من الكامل
صرمت حبالك زينب ورعوم
فلما انتهى إلى قوله:
حتى إذا أخذ الزجاج أكفنا ... نفحت فأدرك ريحها المزكوم
قال: ألست تزعم أنك تبصر الشعر؟ قلت: بلى، قال: فكيف لم تشقق بطنك فضلاً عن ثوبك عند هذا البيت! قال: قلت قد فعلت عند البيت الذي سرقت هذا منه، قال: وما هو؟ قلت: بيت الأعشى: من الكامل
من خمر عانة قد أتى لختامها ... حولٌ تفض غمامة المزكوم
قال: أنت تبصر الشعر، فلما صرت إلى سليمان سمرت معه بهذا أول بدأتي.